لنشهد بعين مبصرة قول مولانا امير المؤمنين علي منه السلام : فمن تبصر في الفطنة تبين الحكمة ومن تبين الحكمة عرف العبرة ومن عرف العبرة عرف السنة ومن عرف السنة فكأنما كان في الأولين . لنجد اخوتي ان الفهم بالفطنة والفطنة بالبصيرة والتدبير بالمعرفة والمعرفة بالادراك والادراك بالمنة والمنة من لدن حكيم خبير لنجد ان العدل هو العمل بموجب الفضيلة كما هي باتزان وروية ودقة وتمعن .
إخوتنا الأكارم : إن الفضيلة تطهر من دنس العوز لملحقات الجسد وغرائذ رغباته وهي تميت فينا حب الأنانية فإذا كنا بحالة المزجة فإن انفعال الجسد انفعال لنا وظنه ظنوننا وشبهته شبهتنا وشهوته شهوتنا وفعله فعلنا وقوله قولنا وسيطرت الأنا عليه سيطرتها علينا أما إذا كنا نحيا بالفضائل وبرحابتها نقيم فإننا لانشارك بالانفعال ولا في الظن والتخمين وإذا لم ننفعل بإنفعال الجسد تتحقق لنا العفة التي هي ترك ماتشتهيه النفس من لوازم ورغبات الجسد وعندما نتحرر من قيود رغبات الجسد ونقوم بالفضائل تكون الشجاعة إذن ماهي تلك الشجاعة التي نعتبرها فضيلة وبها تبتهج العفة وتفتح بيتها الفطنة وننتقل من التبعية لرغبات الغرائذ الى التحرر منها ففي قليل من التبصر والروية نجد أن الشجاعة تعني الاعتراف بالفضيلة أنها كنز نتقي بها من موبقات الجسد ورغبات طبعه وسيرته في حب سقط المتاع الدنيوي والشجاعة تعني الاعتراف بالغلط والسهو على انه غلط وسهو ونسيان والعمل على تلافيه والاستفادة من الغلط حتى لانعود الى مثله والشجاعة لاتعني الدهاء والمكر بل تعني الصدق والتصديق والاخلاص بالشرع والتقيد بآدابه والشجاعة تعني اصلاح ماأفسده اللسان والنية والفكر والجوارح وتعني البحث في دقة الكلمة وصوابية مسراها والوقوف مع قول الله والتزام أمره فالشاهد شجاعته ان يشهد بما تحقق من رؤيته وسمعه ومعرفته والشجاعة تعني الاستغفار والتوبة لنرى ان الصدق في الشجاعة قول الشيء كما هو والطهارة فيها العمل بمقتضى الشرع وهيبة آدابه والنبل في الشجاعة الاستقامة على الطريقة التي نستقي منها علوم معارفنا للحق بالحق ولا نحيد عنها بل نجد فيها لذة الانقياد على الصراط بصراط الهداية والشهامة في الشجاعة ان نرى الحق حقا والباطل باطلا لنا ولغيرنا لأننا أمام الحق مسؤولون والى الموت قادمون فقد ورد عن علي بن العباس الطبري قال: مكتوبٌ على خاتم الحسن بن علي منه السلام :
قدِّم لنفسك ما استطعت من التُقى
إنَّ المَنِيَّة نازلٌ بِكَ يا فتى
أصبحتَ ذا فرحٍ كأنَّك لاترى
أحباب قلبك في المقابر والبلى