بسم الله الرحمن الرحيم
بئس التعصب وسواد غرابه
لايقوم قولنا من مقدمات جاهزة متخذة من واقع الحياة موضعاً ولا من نتاج حدث العلاقات بين الناس منشراً ولا تحاكي التوقع في بنيان معالمها ولا تقارب الوصف الحاصل منه وفيه التجاوزات الحقيقية للقيم الإنسانية المرتبطة بالتطور والرقي الذي أدخلت عليه العصبيات عفنها ولا تماس مابين الخيال في تخيل تعصب ما أو عصبية ما فكل في تعصبه وعصبيته منهك القوى لدخوله إلى دار ليس فيها مايأوي المحتاجين ولا يجد الجائعون فيها لقمة الحياة وليس فيها مشرباً لهم بل كل في هواه يسرح ويمرح ويتخيل ويشد أزر بعضه بعضا ليلبس لباس التحايل على مفرزات الحياة وهمومها ويتخذ من تلك وتلك مأوى له تتجاذبه فيه الأنواء والأهواء ليقبل بما لديه من تعاسة وإن سخرية الحياة حطت رحلها في بيت تهاوت منه جدرانه وتهلهل سقفه وتداعت أركانه هو بيت المخالفة والمعاندة والجحود والإنكار ومن كان هو أهلا لإعادة بنائه وتشييد عمرانه ليس له قولاً في نوادي من لاهم لهم إلا الخراب ونجد من يتقدم من أهل التعصب والعصبية ومخالبه جارحة ليقوم ببناء ذاك الدار بهندسة استقاها من نفسه مثله كطير يعيش في مدخنة مخبز ظن بنفسه أنه بلغ الغاية والنهاية في رسم مبادىء حياة الغير وهو بحد عمله مهدم لكل قيم الحياة ومصوغات مركب الإنسانية القائمة على القيم الروحيه بقالبها الإنساني المحض فليس القول هنا من باب المناجاة الروحية ولا من باب السعي ليكون في الكون مايغيره بل أن كل شيء باق على ماهو فالحق باق كما هو والباطل باق كما هو والخلق بما يعرشون ويمرقون هم إما في ضياع تام وإما في حضور تام وما بينهما وإما كل منهم له همومه وتداعياتها وقتومه ومسالبها والحق أن الله عز وجل أمر بالخير ونهى عن الشر وأهل الخير من التزموا قول الله وشرعه السماوي متقيدين بمكارم الأخلاق أنهكوا أنفسهم بطاعة الله ورضوا بما رضي الله لهم وأما أهل الشر باعوا ذواتهم للشيطان متخذين منه بطانة لهم يستاؤن من الخير وأهله سماعون للكذب نباشون للقبور هائمون على وجوههم بين البرايا يقطعون ماأمر الله بوصله ويوصلون ماارتضته مهينات رغباتهم الدالة فيهم على المعصية أقاموا لأنفسهم ماليس لهم واستودعوا من بضاعتهم ماأجبرتهم للإنقياد لهمومها ومشاغلها الدنيئة . لم تبنى هذه المقولة على هموم المتاعب ولا شغب المعاقب بما قدم ذاك لنفسه مستهيناً بما أمر الله من التقوى ليكون له حسن المآب فأبى إلا العبث بالقول والتلاعب بالألفاظ ليجد صورته قائمة إزائه ..
بل بنيت على معاني لمعارف نستدل بها عند بيان قولنا فيها فالسبب الحقيقي للتعصب هو الميول إلى جانب لايحمل من الحق لامعناه ولا مبناه بل هو صورة صورية للوصف الواقع من المتخيل لما تخيل له فكل شيء يدخل من باب الرائي فالمتعصب يؤول القرآن أو الحديث أو أقوال العترة الطاهرة بمقتضى رغباته ومسمياته واتجاهاته فهو ليس له بالمسمى موقع إلا إذا كان له مرتع فليس كل مايسميه له به حاجة وكل ماله به حاجة فهي له مستنقع فهو بظنه يرغم الأقوال الطاهرة ويحملها رأيه وفكره وهي بذاتها منزهة عنه وعن مقولاته ولا يخطر بفكره غير مابدا لنفسه بنفسه بالتالي لاينظر إلى تلك الأقوال بنظر الإهتداء بل هو باق على الاستبداد برأيه لينفرد بقوله ويستقل برأيه وعناده في محاولة الزام غيره بالرجوع إليه ليسمو بما في فكره باضمحلال قول غيره لديه .
وعن محمد بن يعقوب عن محمد بن يحي عن عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام قال : من تعصب أو تعصب له فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه وسئل علي بن الحسين عليه السلام عن العصبية فقال : العصبية التي يأثم عليها صاحبها أن يرى الرجل شرار قومه خيراً من خيار قوم آخرين وليس من العصبية أن يحب الرجل قومه ولكن من العصبية أن يعين الرجل قومه على الظلم ..
نجد بعض المتحلقين بدنيا التوهم والغيبة يرتادون نواد ليس لهم فيها نصيب فيقولون مالايعلمون ويكتبون مالايدرون فهم بحاثة عن الوهم في وهمهم وعن الخيلاء في تعجبهم يغردون في الأثم والعدوان خصبت عندهم رق عبوديتهم لشهواتهم فيتناولون من صح معتقدهم وبان سبيل رشدهم وماتت أهوائهم وغربت عنهم سواقط الدنيا بشيء من مقالاتهم الدنيئة التي حل فيها مارغبوا أن يكون لهم فيها مورد فتطايرت أفكارهم وغربت شمس معارفهم عندما أدلوا بدلوهم في التشبيه والتعطيل كأنهم رواد خصيبية لم يجدوا فيها مأوىً لهم فراعهم مشية قوم عرفوا الدلالة بالدليل وارتفعت مقالتهم عن التعطيل ورموا بحجرهم شهوات رغباتهم واستندت معارفهم على قول الله وشرعة رسوله الأكرم صلى الله عليه وآله وأقوال عترته الطاهرين المطهرين من كل عيب .
لاعيب إن قلنا أن الله أحد بأحديته جوهراً في صمدانيته لم يزل ولم يزول لايعرف بغيره ولا يدل عليه سواه وإن حجته باقية مابقي الليل والنهار لكن بالنفس سؤال لمَ ترغبون في تبرئة إبليس من فعلته وقد حقت عليه لعنة الباري منذ التكوين الأول ولمَ تمنعون الماعون وتأثمون بقول لكم أن الملائكة غير ساجدين للحي القيوم وإن الله لم يكن له منارة يستضيء بنورها الطهر المساكين الذين أحبوا الله وأحبهم أكرمهم فهم له حامدين شاكرين انقطعت آثار عبوديتهم لغيره سبحانه أقبلوا إليه طائعين وارتضاهم عباداً طاهرين . هل تكتبون وأنتم محلقون في الأجواء كوطاويط الليل لاتسمعون ولا تقشعون حجبت أبصاركم رؤية أهليكم لأجنحتكم المتكسرة بسوء أعمالكم وهم يظنون أنكم تسرعون بحركيتكم غير آبهين وأنتم بأنفسكم وراء رغباتكم باحثين همكم مايقول عنكم الأتباع والمهوثين.