- عن سعد ومحمد العطار وأحمد بن إدريس جميعا عن البرقي وابن يزيد وابن هاشم جميعا ، عن ابن فضال عن أيمن بن محرز ، عن محمد بن سماعة ، عن إبراهيم بن أبي يحيى المدني ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : لما بايع الناس عمر بعد موت أبي بكر أتاه رجل من شباب اليهود وهو في المسجد الحرام فسلم عليه والناس حوله فقال : يا أمير المؤمنين دلني على أعلمكم بالله وبرسوله وبكتابه وبسنته ، فأومأ بيد إلى علي عليه السلام فقال : هذا ، فتحول الرجل إلى عند علي عليه السلام ( 6 ) فسأله : أنت كذلك ؟ فقال : نعم فقال : إني أسألك عن ثلاث وثلاث ( 7 ) وواحدة ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أفلا قلت عن سبع ؟ فقال اليهودي له ( 8 ) : إنما أسألك عن ثلاث فإن أصبت فيهن سألتك عن ثلاث
بعدهن ، وإن لم تصب لم أسألك ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : أخبرني إن أجبتك بالصواب والحق تعرف ذلك ؟ - وكان الفتى من علماء اليهود وأحبارها ، يروون أنه من ولد هارون ابن عمران أخي موسى عليه السلام - قال : نعم ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام : بالله الذي لا إله إلا هو إن أجبتك بالحق والصواب لتسلمن ولتدعن اليهودية ؟ فحلف له اليهودي ( 1 ) وقال له : ما جئتك إلا مرتادا لدين الاسلام ( 2 ) ، فقال : يا هاروني سل عما بدالك تخبر .
قال : أخبرني عن أول شجرة نبتت على وجه الارض ( 3 ) ، وعن أول عين نبعت على وجه الارض ، وعن أول حجر وضع على وجه الارض ، فقال أمير المؤمنين عليه السلام ( 4 ) : أما سؤالك عن أول شجرة نبتت على وجه الارض فإن اليهود يزعمون أنها الزيتون وكذبوا وإنما هي النخلة من العجوة ( 5 ) هبط بها آدم عليه السلام معه من الجنة فغرسها ، وأصل النخل كله منها .
وأما قولك عن أول عين نبعت ( 6 ) على وجه الارض فإن اليهود يزعمون أنها العين التي ببيت المقدس وتحت الحجر ( 7 ) وكذبوا ، هي عين الحيوان التي ما انتهى إليها أحد إلا حيي ( 8 ) ، وكان الخضر عليه السلام على مقدمة ذي القرنين عليه السلام فطلب عين الحياة ( 9 ) فوجدها الخضر عليه السلام وشرب منها ولم يجدها ذو القرنين .
وأما قولك عن أول حجر ( 10 )
وضع على وجه الارض ؟ فإن اليهود يزعمون أنه الحجر الذي ببيت المقدس ( 1 ) وكذبوا ، إنما هو الحجر الاسود ، هبط به آدم معه من الجنة فوضعه في الركن ( 2 ) والناس يستلمونه وكان أشد بياضا من الثلج فاسود من خطايا بني آدم .
قال : فأخبرني كم لهذه الامة من إمام هدى هادين مهديين لا يضرهم خذلان من خذلهم ؟ وأخبرني أين منزل محمد من الجنة ( 3 ) ؟ ومن معه من امته في الجنة ؟ قال له : أما قولك ( 4 ) : كم لهذه الامة من إمام هدى ( 5 ) هادين مهديين لا يضرهم خذلان من خذلهم فإن لهذه الامة اثنا عشر إماما هادين مهديين ، لا يضرهم خذلان من خذلهم ، و أما قولك : أين منزل محمد في الجنة ففي أشرفها وأفضلها جنة عدن ، وأما قولك : ومن مع محمد من امته ( 6 ) في الجنة فهؤلاء الاثنا عشر أئمة الهدى .
قال الفتى : صدقت فوالله الذي لا إله إلا هو إنه لمكتوب عندي بإملاء موسى و خط هارون عليهما السلام بيده ، قال : أخبرني كم يعيش وصي محمد صلى الله عليه وآله بعده وهل يموت موتا أو يقتل قتلا ؟ فقال عليه السلام له : ويحك يا يهودي ( 7 ) أنا وصي محمد ، أعيش بعده ثلاثين سنة لا أزيد يوما ولا أنقص يوما ، ثم يبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة ثمود فيضربني ضربة في فرقي فيخضب منها لحيتي ( 8 ) ثم بكى عليه السلام بكاء شديدا ، قال : فصرخ الفتى وقطع كستيجه وقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وأنك وصي رسول الله صلى الله عليه وآله قال أبوجعفر العبدي - يرفعه - قال : هذه الرجل اليهودي أقر له من بالمدينة أنه أعلمهم وكان أبوه كذلك فيهم ( 9 ) .
بيان : قوله عليه السلام : " لا أزيد يوما " أقول : فيه إشكال لان وفاة الرسول صلى الله عليه وآله كان في صفر وشهادته عليه السلام في شهر رمضان وكان ما بينهما ثلاثين سنة إلا خمسة أشهر وأياما فكيف يستقيم قوله عليه السلام : " لا أزيد يوما ولا أنقص يوما " ؟ ويمكن دفعه بأن مبنى الثلاثين على التقريب .
وقوله " لا أزيد يوما " أي على الموعد الذي وعدت لذلك وأعلمه والغرض أن لشهادتي وقتا معينا لا يتقدم ولا يتأخر [ أو يقال : الكلام مبني على ما هو المعروف عند أهل الحساب من أنهم يسقطون ما هو أقل من النصف يكلمون بما هو أزيد منه ، فكل حد بين تسع وعشرين ونصف وبين ثلاثين ونصف من جملة مصداقاته العرفية ، فلا يكون شئ منهما زائدا على ثلاثين سنة عرفية ولا ناقصا عنها أصلا ، وإنما يحكم بالزيادة والنقصان إذا كان خارجا عن الحدين وليس فليس ، وفيما سيأتي " لا يزيد يوما ولا ينقص يوما " فالضميران إما راجعان إلى الثلاثين أو إلى الوصي نظير قوله تعالى : " لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون ( 1 ) " وهذا الخبر يؤيد الاخير ، وعلى الوجه الاول يحتمل إرجاعهما إلى الله تعالى
بحار الأنوار