الداهية
ربما يخطر للفكر أنه يجب أن نتكلم عن الداهية بين الناس أقول بحسن نية أنني أتكلم عن الداهية على نفسه وهو الذي يقوم بتحريف الأحداث وإعطاءها من زيفه مشقة تلتقط بها رغباته وتكحل عينها بأنانيته وتسرق منه دمعة الندم على المخالفة حتى تصور له أن كل أعماله صحيحة وواجبة الحدوث وهو يتباها بنفسه أنه يستطيع أن يقنع البسطاء بلغته ويستميلهم إلى رزيلته بتزاكيه ويأخذ منهم شهادتهم لبضاعته ومن أهم صفاته إن ملكته نفسك بمعنى ان خضعت له سواء بخوف او احترام استباح حرماتها وهو يعمل بكل حدية على أماتت حياة نفسه الفكرية والجسدية لأنه يعمل على خرق قوانين طاعتها للحق ويبث في جوانبها من رجس أفعاله مما يسهل عليه السيطرة عليها دون تعب فهو يخفف الكلام أحيانا ً إن كان لمحب له بمعنى انه يجاري ويماري ويأخذه في فسحة الشرع بالتأمل والتبسيط تحت عنوان أن فعله خطيئة لاتذكر وكانت ضمن حدية القيمة المعنوية فيجب ان يسامح عليها بل يجب ان لاتذكر ولا تطالبه بالاعتذار عنها لأنه فوق كل اعتبار وإن لم تسامحه فتكون أنت المأخوذ بجريرته والمحاسب على مخالفته ويفتح نار دهائه عليك حتى ينسى الآخرين خطيئة صاحبه.
والداهي إن استطعت أن تضعه تحت سطوة أخطائه بحد الاستقامة تراه بسيط سهل الألفاظ متواضع وأما إن زال الحكم عنه لحظة يصبح كالطاووس يختال يميناً وشمالا ً كأنه لم يكن بالخطيئة وهو دائما ً يستطيع أن يخرج عن الحق بسهولة دفاعا ً عن نفسه حتى أنه لا يعترف بخطيئته ومن أهم سماته الكذب والخيلاء والمداهنة ومن أشد أعدائه المستقيمون بالصراط المؤمنون حقا ً الذين لا يستطيع اللعب على أوتارهم فتارة يذمهم ذماً شديدا ً وتارة ينكر أقوالهم ويحملها من متاهة ضياعه المهم أن يسلبها الحق قدر إمكانه وتارة يقول أنها غير مفهومة وتارة يحاول أن يشتريك بقبضة دراهم وتارة يأخذ من حديثك موضع حاجته فيحاربك بصدقك .
ويباهي أنه الأصدق في القيام بالعبادات والصدق والولاية وهو المشهود له بالنفاق والرغبة في قتل الالتزام بالحق لتصح مقولته أن كل شيء يمكن شراؤه بالمجاراة أو بالمداهنة ناصح لغيره غير منتصح بنصحه ناقد لغيره غير مبالي بعكرة كدرته .
إياك أن تثق بالمماري والمجاري والمباري لأن ذلك هو الشرك الخفي.