بسم الله الرحمن الرحيم
في الثناء على الله (يستشير)
بسم الله الرحمن الرحيم , الحمد لله الذي لا إله إلا هو الحيّ القيوم الدائم , الملك الحقّ المبين , المدبّر بلا وزير , ولا خلق من عباده يستشير , الأول غير موصوف , الباقي بعد فناء الخلق , العظيم الربوبيّة , نور السماوات والأرضين وفاطرهما , ومُبتدعهما , خلقهما بغير عمد ترونها , وفتقهما فتقاً , فقامت السماوات طائعات بأمره , واستقرّت الأرض بأوتادها فوق الماء , ثم علا ربّنا في السماوات العُلى , الرحمن على العرش استوى , له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى , فأنا أشهد بأنك أنت الله , لا رافع لما وضعت , ولا واضع لما رفعت , ولا مُعزّ لمن أذللت , ولا مُذلّ لمن أعززت , ولا مانع لما أعطيت , ولا مُعطي لما منعت , وأنت الله لا إله إلا أنت , كنت إذ لم تكن سماء مبنيّة , ولا أرض مدحيّة(1) , ولا شمس مضيئة , ولا ليل مظلم , ولا نهار مضيء , ولا بحر لُجّيّ(2) ولا جبل راس , ولا نجم سار , ولا قمر مُنير , ولا ريح تهبّ ولا سحاب يسكب , ولا برق يلمع , ولا رعد يُسبّح , ولا روح تتنفس , ولا طائر يطير , ولا نار تتوقد , ولا ماء يَطّرد(3). كنت قبل كل شيء , كوّنت كل شيء وقدّرت كل شيء , وابتدعت كل شيء , وأفقرت وأغنيت , وأمتّ وأحييت , وأضحكت وأبكيت , وعلى العرش استويت , فتباركت يا الله وتعاليت.
أنت الله الذي لا إله إلا أنت الخلاّق العليم , أمرك غالب , وعلمك نافذ , وكيدك قريب , ووعدك صادق , وقولك حق , وحكمك عدل , وكلامك هُدى , ووحيك نور , ورحمتك واسعة , وعفوك عظيم , وفضلك كبير , وعطاؤك جزيل , وحبلك متين , وإمكانك عتيد(4) , وجارك عزيز , وبأسك شديد , ومكرك مكيد. أنت يا رب موضع كل شكوى , شاهد كل نجوى(5) , حاضر كل ملأ مُنتهى كل حاجة , فرج كل حزين , غنى كل فقير مسكين , حصن كل هارب , أمان كل خائف , حرز الضعفاء , كنز الفقراء , مُفرّج الغمّاء(6) مُعين الصالحين. ذلك الله رب العالمين , ربّنا لا إله إلا أنت , تكفي المحتاج من عبادك , وناصر من توكل عليك , وأنت جار من لاذ بك , وتضرّع إليك , عِصمة من اعتصم بك من عبادك , ناصر من انتصر بك , تغفر الذنوب لمن استغفرك , جبّار الجبابرة , عظيم العظماء , كبير الكبراء , سيّد السادات , مولى المَوالي , صريخ المستصرخين , مُنفّس عن المكروبين , مُجيب دعوة المضّطرين , أسمع السامعين , أبصر الناظرين , أحكم الحاكمين , أسرع الحاسبين , أرحم الراحمين , خير الغافرين ؛ قاضي حوائج المؤمنين , مُغيث الصالحين. أنت الله لا إله إلا أنت رب العالمين , أنت الخالق وأنا المخلوق , وأنت المالك وأنا المملوك , وأنت الربّ وأنا العبد , وأنت الرازق وأنا المرزوق , وأنت المُعطي وأنا السائل , وأنت الجواد وأنا البخيل , وأنت القويّ وأنا الضعيف , وأنت العزيز وأنا الذليل وأنت الغنيّ وأنا الفقير , وأنت السيّد وأنا العبد , وأنت الغافر وأنا المُسيء , وأنت العالم وأنا الجاهل , وأنت الحليم وأنا العجول , وأنت الراحم وأنا المرحوم , وأنت المُعافي وأنا المُبتلى , وأنت المُجيب وأنا المُضطّر. وأنا أشهد بأنك أنت الله لا إله إلا أنت الواحد الفرد وإليك المصير , وصلى الله على محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين , واغفر لي ذنوبي , واستر عليّ عيوبي , وافتح لي من لدنك رحمة ورزقاً واسعاً يا أرحم الراحمين , والحمد لله رب العالمين , حسبنا الله ونعم الوكيل , ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.*
(1) مدحية : مبسوطة.
(2) بحر لجي : بحر واسع.
(3) يَطّرد : يزداد.
(4) عتيد : حاضر.
(5) نجوى : حوار خفي.
(6) الغمّاء : الحزن , والكرب.
* مفاتيح الجنان , الصحيفة العلوية.