بسم الله الرحمن الرحيم
من كتاب القصد إلى الله لأبي القاسم الجنيد
إن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى يحي بن زكريا عليهما السلام يايحي إني قضيت على نفسي أن لايحبني عبد من عبادي أعلم ذلك من قلبه إلا كنت سمعه الذي يسمع به وبصره ولسانه وأبغض إليه كل شيء دوني وأمنع عنه شهوات الدنيا ولذاتها وأطلع عليه في كل يوم سبعين ألف مرة وأزيد له في كل ساعة من لذائذ حبي وحلاوة أنسي وأشدد شوقه لي وأملأ قلبه نوراً من نوري حتى إنه في كل ساعة ينظر إلى لطائف صنعي وكمال توددي وأمسح برأسه وأضع يدي على ألمه حتى لايشكو مني إلى غيري وكلما أسمع خفقان قلبه من الشوق إلى لقائي ازددت شوقاً إلى لقائه لولاي لم يشتاقني .
فقال يحي : حقيق علي أن لايسكن قلبي حتى أصل إليك .
فقال له الرب جل جلاله : يايحي وكيف يسكن قلب المريد المشتاق وأنا غاية منيته ومنتهى أمله وأنا في كل ساعة أتقرب منه حين يتقرب مني وأسمع كلامه وأعلم أسفه وأحب صوته يايحي فبعزتي وجلالي لأبعثنه يوم القيامة مبعثاً يغبطه به الأولون والآخرون ثم آمر منادياً ينادي تحت عرشي هذا فلان بن فلان هذا ولي وصفيي أنا الله لاإله غيري دعوته لتقر عينه بالنظر إلى وجهي ياملائكتي ارفعوا الحجاب فيما بيني وبين حبيبي حتى ينظرإلى وجهي كيف يشاء وأنا الذي ابتدئه بالسلام أقول له السلام عليك ياعبدي أبشر فوعزتي وجلالي لأتخذك لنفسي .
فقال يحي عليه السلام : سبحانك يارب ثم صعق صعقة عظيمة لم يفق إلا بعد ثلاثة أيام فلما أفاق قال سبحانك يارب عجباً لمن عرفك كيف يشتغل بغيرك سبحانك ماأكثر توددك إلى أولياؤك وأصفيائك ياخير مأمول وخير مقصود أنت أنسي مابقيت وصاحبي ماحييت وجليسي بك اكتفيت