نتابع حديث الاهليلجة ___________________ 2
ولعمري ما أتي الجهال من قبل ربهم وأنهم ليرون الدلالات الواضحات و العلامات البينات في خلقهم ، وما يعاينون من ملكوت السماوات والارض والصنع العجيب المتقن الدال على الصانع ، ولكنهم قوم فتحوا على أنفسهم أبواب المعاصي وسهلوا لها سبيل الشهوات ، فغلبت الاهواء على قلوبهم ، واستحوذ الشيطان بظلمهم عليهم ، وكذلك يطبع الله على قلوب المعتدين . والعجب من مخلوق يزعم أن الله يخفى على عباده وهو يرى أثر الصنع في نفسه بتركيب يبهر عقله ، وتأليف يبطل حجته ولعمري لو تفكروا في هذه الامور العظام لعاينوا من أمر التركيب البين ، ولطف التدبير الظاهر ، ووجود الاشياء مخلوقة بعد أن لم تكن ، ثم تحولها من طبيعة إلى طبيعة ، وصنيعة بعد صنيعة ، ما يدلهم ذلك على الصانع فإنه لا يخلو شئ منها من أن يكون فيه أثر تدبير وتركيب يدل على أن له خالقا مدبرا ، وتأليف بتدبير يهدي إلى واحد حكيم . وقد وافاني كتابك ورسمت لك كتابا كنت نازعت فيه بعض أهل الاديان من أهل الانكار وذلك أنه كان يحضرني طبيب من بلاد الهند ، وكانت لا يزال ينازعني في رأيه ، ويجادلني على ضلالته ، فبينا هو يوما يدق إهليلجة ليخلطها دواءا احتجت إليه من أدويته ، إذ عرض له شئ من كلامه الذي لم يزل ينازعني فيه من ادعائه أن الدنيا لم تزل
يتبع