جعفر بن علي بن أحمد الفقيه ، عن حسن بن محمد بن علي بن صدقة ، عن محمد بن عمر بن عبدالعزيز ، عمن سمع الحسن بن محمد النوفلي يقول : قال الرضا عليه السلام لسليمان المروزي ( 1 ) ما أنكرت من البداء يا سليمان والله عزوجل يقول : " أولم ير الانسان أنا خلقناه من قبل ولم يك شيئا " ويقول عزوجل : " وهو الذي يبدء الخلق ثم يعيده " ويقول : " بديع السموات والارض " ويقول عزوجل : " يزيد في الخلق ما يشاء " ويقول : وبدء خلق الانسان من طين " ويقول عزوجل : " وآخرون مرجون لامر الله إما يعذبهم وإما يتوب عليهم " ويقول عزوجل : " وما يعمر من معمر ولاينقص من عمره إلا في كتاب " .
قال سليمان : هل رويت فيه عن آبائك شيئا ؟
قال : نعم رويت عن أبي ، عن أبي عبدالله عليه السلام أنه قال : إن لله عزوجل علمين : علما مخزونا مكنونا لا يعلمه إلا هو ، من ذلك يكون البدا ، وعلما علمه ملائكته ورسله فالعلماء من أهل بيت نبيك يعلمونه
قال سليمان : احب أن تنزعه لي من كتاب الله عزوجل .
قال : قول الله عزوجل لنبيه : " فتول عنهم فما أنت بملوم " أراد إهلاكهم ثم بدافقال : " وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين "
قال سليمان : زدني جعلت فداك .
قال الرضا عليه السلام : لقد أخبرني أبي ، عن آبائه أن رسول الله صلى الله عليه واله قال : إن الله عزوجل أوحى إلى نبي من أنبيائه أن أخبر فلان الملك أني متوفيه إلى كذا وكذا ، فأتاه ذلك النبي فأخبره فدعا الله الملك وهو على سريره حتى سقط من السرير ، وقال : يا رب أجلني حتى يشب طفلي وأقضي أمري ، فأوحى الله عزوجل إلى ذلك النبي أن ائت فلان الملك فأعلمه أني قد أنسيت أجله وزدت في عمره خمس عشرة سنة ، فقال ذلك النبي :
_______________________________________________
( 1 ) بفتح الميم وسكون الراء المهلة وفتح الواو بعده زاي معجمة ثم ياء نسبة إلى مرو مدينة من مدن خراسان ، وزادوا في النسبة اليها ( الزاى ) على خلاف القياس كما فعلوا في الرازي وغيره . ( * )
يا رب إنك لتعلم أني لم أكذب قط فأوحي الله عزوجل إليه إنما أنت عبد مأمور فأبلغه ذلك والله لا يسأل عما يفعل .
ثم التفت إلى سليمان فقال له : أحسبك ضاهيت اليهود في هذا الباب ،
قال أعوذ بالله من ذلك ، وما قالت اليهود ؟
قال : قالت اليهود : " يد الله مغلولة " يعنون أن الله قد فرغ من الامر فليس يحدث شيئا فقال الله عزوجل : " غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا " ولقد سمعت قوما سألو أبي موسى بن جعفر عليه السلام عن البداء فقال : وما ينكر الناس من البداء وأن يقف الله قوما يرجئهم لامره . قال سليمان : ألا تخبرني عن إنا أنزلناه في ليلة القدر في أي شئ أنزلت ؟ قال : يا سليمان ليلة القدر يقدرالله عزوجل فيها ما يكون من السنة إلى السنة من حياة أو موت ، أو خير أو شر ، أو رزق فما قدره في تلك اللية فهو من المحتوم . قال سليمان : الآن قد فهمت جعلت فداك فزدني . قال : يا سليمان إن من الامور امورا موقوفة عند الله تبارك وتعالى يقدم منها ما يشاء ويؤخر ما يشاء ، يا سليمان إن عليا عليه السلام كان يقول : العلم علمان : فعلم علمه الله ملائكته ورسله فما علمه ملائكته ورسله فإنه يكون ولا يكذب نفسه ولا ملائكته ولا رسله ، وعلم عنده مخزون لم يطلع عليه أحدا من خلقه يقدم منه ما يشاء ويوخر ما يشاء ، ويمحو ويثبت ما يشاء .