صانع الفخار 4

وتابع صانع الفخار --- 4 --
"كان صانع الفخار الأول يسبق عصره بمئات السنوات, وعندما قام العسس على القضاء عليه وعلى قصته عندما حرقوه بعيدان ذات رائحة كريهة ولم يكد يدفن صانع الفخار الأول حتى تبدى صانع كان له ذكر وله اسم يرعب سماعه وكان أشد قوة وأوثق عزيمة وأمضى علما اخترع لغة التشفير ورموز فك الشيفرة ورسم تصاميم أولية للأجهزة الداخلية للجسم البشري, وكانت ولادة صانع الفخار الجديد في السنة ذاتها التي فاض فيها نيل دار صباح, وهطلت الأمطار الغزيرة. فتقطعت بالناس السبل, وتهدمت بيوتهم. وانتشرت كل أنواع الأوبئة والأمراض المجهولة, التي لم تكن تلبث أن تصيب أحدهم حتى يفارق الحياة!وصار الخزين المخزون هو الوحيد الذي يملك أدلة براءته" كان الناس في حالة من البلبلة جعلتهم لا يميزون, أو يخطر على بالهم سؤال: "البراءة من أي شيء؟ وماذ فعل ليدان؟ أي تهمة؟"..
إذ كان يبدو أن سكان البلدة قد أصيبو بالخبال, وهم يرون صانع الفخار يرحل محترقا في كنيسة توتي, ورماد عظامه يغطي سطح النهر, فيسد القناة التي تقرن النهرين.ولم يكد ان يتم الزوال في ذلك اليوم حتى كان صانع الفخار قد مجدته أيامه وألبسته حلية خضراء لاعيب فيها وصار بعيد إحراق العسس لصانع الفخار, كان الجميع يراقب الجميع كل لحظة. في البدء حاول الأهالي التعبير عن استياءهم وسخطهم من هذه الدوامة, التي كانت تشدهم للقاع.لكن مع اشتداد القمع من البعض على بعض كانت همتهم قد فترت, وشعروا بأنهم تقدموا في العمر كثيرا! بل أخذوا بمرور الوقت يعتادون الأمر, ولم يعد أحد يأبه لما يجري في البلدة, التي توشحت البؤس والحزن المقيم. فالعسس كمخلوقات فظة ووضيعة, تمكنت من زرع كل أنواع المخاوف والظنون, في الوجدان الهش لأهالي البلدة البسطاء! بعد أن تربصوا بهم في كل مكان, بكل ما كانوا يضمرونه من أحقاد وضغائن ضد المعارضين.
منقول بتصرف